اخر الاخبار
الرئيسية » أمور عامة » الأغذية الفاسدة تعود من باب المخازن المخالفة!
الأغذية الفاسدة تعود من باب المخازن المخالفة!

الأغذية الفاسدة تعود من باب المخازن المخالفة!

هل أصبح الأمن الغذائي في خطر؟
من المسؤول عن تعرض صحة وسلامة المستهلكين من المواطنيين والمقيمين للأمراض والتسمم نتيجة أكلهم المواد غير الصالحة للاستهلاك الآدمي؟
هل باتت «بطون» المستهلكين مليئة بالأمراض والميكروبات؟
وهل القانون لا يفي بالغرض تجاه انتشار الفساد الغذائي؟
وهل حان الأوان لأن تجتمع الجهات الحكومية ذات الصلة لتوحيد الجهود لردع المتاجرين في الأغذية الفاسدة؟
تلك التساؤلات هي مجمل ما خرجت بها الصحافة بعد جولاتها على عدد من مخازن الأغذية في البلاد لنكتشف الحقيقة المرة للحال التي آلت اليها بعض المخازن من غياب الاشتراطات الصحية وسوء التخزين والنظافة، ناهيك عن استغلال سراديب بعض العمارات الاستثمارية التي من المفترض أن تكون مواقف للسيارات لتتحول الى مخازن لمختلف الأغذية المتنوعة.
من المعلوم أن مخازن الأغذية تعتبر خط الامداد الرئيسي لتزويد المطاعم والمحلات بكل أنواع الاحتياجات اليومية من اللحوم والأسماك والدجاج والمعلبات وغيرها، إلا ان الغريب في الامر هو أنه بالرغم من انتشار فرق البلدية لضبط آلاف الأطنان من الاغذية الفاسدة يوميا لا تزال بعض المخازن والسراديب لا تجزع من اللعب في الأمن الغذائي.

ولا يكاد يمر يوم حتى نرى أو نسمع عن حجم الضبطيات الهائلة سواء عبر تحرير المخالفات أو مصادرة وإتلاف الأغذية المنتهية الصلاحية أو التي تكون غير صالحة للاستهلاك الآدمي، التي تقوم بها فرق الطوارئ وأقسام إزالة المخالفات في بلديات المحافظات تجاه بعض مخازن الاغذية، الامر الذي يدل على يقظة البلدية تجاه ملف الاغذية ولكن في نفس الوقت هناك مخاوف من انتشار وتسريب بعضها الفاسد إلى المحال والمطاعم البعيدة عن عين الرقابة والقانون.
وكانت القضية التي تعانيها البلاد سابقاً هي في السماح بإدخال هذه الأغذية الفاسدة عن طريق الموانئ المختلفة، سواء الجوية أو البرية أو البحرية، ولكن بعد تشديد الرقابة على جميع الحدود وعلى الواردات الخارجية وتغليظ العقوبات في القانون لكل من يحاول تسريب أغذية غير صالحة للاستهلاك الآدمي تحولت القضية إلى ملف داخلي من خلال الغش في عملية التلاعب بالتواريخ وغيرها من الأساليب التي تشكل خطراً على الصحة العامة.
ورغم محاولات الأجهزة الرقابية في البلاد سواء في البلدية وحتى وزارة التجارة لضبط عملية تسريب الأغذية الفاسدة فإن هناك ضعاف النفوس الذين لا تهمهم المصلحة العامة بقدر مصالحهم الشخصية لجمع المال فقط، خصوصاً أن المشكلة أصبحت ليست في الموردين أو وكلاء العلامات التجارية الكبرى الذين يهمهم المحافظة على توزيع بضائعم وسمعتهم في السوق، بل في بعض الموزعين الذين لا توجد لديهم المعرفة الحقيقية في طريقة تخزين البضائع والمحافظة على نظافتها والتأكد من تاريخ صلاحيتها، بل تتم العملية «بالبركة» مما ينتج عنه تراكم البضائع بعضها فوق بعض وانتهاء صلاحية دون النظر للتواريخ بين فترة وأخرى ليتم تسويقها في مراكز البيع.
والقضية الأخرى ليست في عملية التخزين، ولكن في بعض المطاعم التي لا تلتزم بالنظافة العامة وكذلك تبحث عن البضائع الرخيصة، التي قاربت على انتهاء صلاحيتها بسبب رخصها لتقوم بطبخها للزبائن.
وفي هذا الصدد أعلن مدير إدارة العلاقات العامة في البلدية عبدالمحسن أبا الخيل أن البلدية استطاعت منذ انطلاق حملة صحتك أمانة من إتلاف 99000 كلغ من المواد الغذائية المنتهية الصلاحية وغير الصالحة للاستهلاك الآدمي خلال شهرين.
وقال أبا الخيل إن عدد مخالفات الأغذية بكل المحافظات بلغ 2230، وإن عدد مخازن الأغذية التي تم إغلاقها بلغ 52 مخزناً.
وأكد أن البلدية لا تألو جهداً في متابعة كل الشكاوى التي ترد من الجمهور أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي بلغت 1874 شكوى، حيث تم الرد على 1549 منها بنسبة %82.6.
قام فريق طوارئ العاصمة برئاسة زيد العنزي على عدد من المخازن في منطقة الشويخ الصناعية خلال الفترة المسائية وتبين وجود العديد من السلبيات في عمل بعض المخازن من خلال تخزين المواد الغذائية في غير الظروف الملائمة لها، ووضعها بجانب المنظفات والمواد الكيماوية فضلا عن انتشار الاوساخ والروائح الكريهة واستغلال الأسواق المركزية في غير الغرض المرخص لها.

مواد تالفة
وقال رئيس الفريق زيد العنزي ان الهدف من الجولة هو الاطلاع على المخالفات الموجودة في منطقة الشويخ الصناعية من خلال التركيز على بعض المخازن، وقد تبين أن البعض منها يفتقد الاشتراطات الصحية في عدم وضع غرف خاصة للمواد التالفة أو عدم وجود الشهادات الصحية للعمال أو غياب النظافة العامة في المخزن.
وبين العنزي ان مخازن الاغذية تصنف بحسب ما تحدده الهيئة العامة للصناعة عبر وضعها قسائم للمواد الغذائية أو الحديد أو الاطارات أو الاخشاب، قائلا «أي مخزن مخالف لغرض الترخيص الممنوح تتم مخالفته ومخاطبة الهيئة العامة للصناعة لإخطارهم عن هذه المخالفة».

وأضاف أن مخازن الأغذية تنقسم إلى عدة أنواع، فمنها مخصص للمواد المثلجة، حيث تكون خاضعة لدرجة حرارة 18 تحت الصفر، ومخازن أخرى مبردة، تكون درجة حرارتها 25 درجة مئوية، موضحا أن مفتش الأغذية يجب أن يركز على هذه الاشتراطات المتمثلة في التهوية، أو وجود مصائد للفئران، ونظافة الأرضيات والممرات.

سحب الترخيص
وحول أكثر المخالفات المرصودة، ذكر العنزي أن أكثر شيء يتم مخالفته هو عدم الالتزام بقواعد النظافة العامة للمادة الغذائية، وهي مخالفة تستوجب الغلق الفوري، ناهيك عن تخزين المواد الغذائية المنتهية الصلاحية أو أخرى تالفة، وهي مخالفات اعتيادية دائما ما نقوم بضبطها، وعقوبتها تتراوح بين 800 إلى ألف دينار، مع غلق المحل لفترات محددة، يقدرها مدير فرع البلدية، وفي حال تكرار المخالفة نفسها على المحل نفسه، يتم طلب سحب الترخيص استنادا إلى استمرار تلك المخالفات.
وأشار إلى أن المخازن تعتبر الخط الأول للأمن، إلى جانب الجهاز الرقابي، فهما يمثلان جناحين يعملان بشكل متواز، فإن غابت الرقابة عنها ستؤثر في الأمن الغذائي بشكل مباشر.
وعن المطالبات بتشديد العقوبات، قال العنزي: نحن نناشد دائما المشرّع بتغليظ العقوبات، كون المادة الغذائية هي أمر متعلق في صحة الإنسان وتسبب الأمراض، مقترحا أن تصل العقوبات إلى السجن، أو أن يدفع المخالف غرامات بحسب سعر المادة الغذائية في السوق، واعتقد أن ذلك سيكون رادعا مناسبا لكل من تسول له نفسه العبث بالأمن الغذائي للبلاد.

طرق التحايل
وأشار إلى أن طرق التحايل والتلاعب موجودة في كل مكان من قبل ضعاف النفوس، حيث يقوم البعض منهم في التلاعب بتواريخ الإنتاج والانتهاء، وقد نستعين بمفتشين من وزارة التجارة، لأن عقوباتهم مبالغها عالية جدا، كونها تندرج تحت الغش التجاري، موضحا أن ما يخص دور البلدية هو التأكد من ترخيص إعادة التعبئة، وفي حال عدم وجود ذلك، يكون هناك تلاعب، كوننا نجهل مصدر المادة الغذائية.
ودعا العنزي أصحاب المخازن إلى ضرورة الاتصال بالبلدية في حال وجود مواد تالفة أو منتهية الصلاحية، قائلا «البعض منهم يجهل في القانون، ونعرف أن نواياهم سليمة، والبلدية هي الجهة المخولة عملية إتلاف الأغذية، ولا يتبغي من صاحب المخزن إلا الاتصال على المركز لنقل المواد التالفة برسوم رمزية.

البحث عن الحلول
دعا مراقبون الى البحث عن الحلول قبل وصول المواد الغذائية الى المخازن عبر انشاء مخازن متخصصة تراعي الظروف الملائمة للمادة الغذائية تكون تابعة للبلدية أو هيئة الغذاء والتغذية وموزعة على محافظات البلاد بحيث تنقل المواد الغذائية من المنافذ البرية أو البحرية باتجاه تلك المخازن ومن ثم القيام بفحصها من خلال كادر متخصص وعلى اثر ذلك يتم الافراج عن المادة الغذائية المطابقة للاشتراطات الصحية لتذهب الى المخازن، وبالتالي الى محال العرض والجمعيات دون الخوف على صحة الانسان.

كمال: سراديب عمارات تحولت إلى مخازن مخالفة!

قال رئيس لجنة العاصمة في المجلس البلدي د.حسن كمال إن مشكلة الاغذية تكمن في التخزين، حيث إن لكل مادة غذائية مواصفات خاصة للتخزين، موضحا ان وضع المخازن بطريقة عشوائية في مناطق محددة يجعل هناك مشكلة في الرقابة عليها.
وأضاف كمال: أن بعض العمارات الاستثمارية بدلا من ان تجعل السراديب مكانا لمواقف السيارات الخاصة بالسكان، تحولت الى مخازن للأغذية، موضحا ان دور البلدية في ضبط المواد الفاسدة من تلك المخازن تشكر عليه، ولكن لابد ان تتحرك هيئة الغذاء والتغذية باعتبارها ستكون مسؤولة عن ملف الأغذية من بداية شهر نوفمبر المقبل.
ودعا الى تمكين المفتشين من الاجهزة التقنية الحديثة التي تجعلهم يقومون بالفحص السريع للمنتجات، حيث تسهل هذه الأجهزة من سرعة عمل المفتش، وكذلك لا تهضم حق التجار في عملية التأخير في عملية الفحص وحتى لا يتعرض للخسائر جراء ذلك.
وطالب كمال بأن تدقق البلدية على المواصفات الفنية لمخازن الاغذية من حيث درجات الحرارة ونظام التهوية، فضلا عن وضع نظام آلي يسهل للتاجر الذي يغفل عن انتهاء صلاحية بعض المواد الغذائية في مخزنه من معرفة تواريخ انتهاء المنتجات.
وبسؤاله عما إذا وصلت بعض الأغذية الفاسدة إلى السوق، أجاب كمال للأسف الأغذية الفاسدة وصلت إلى «البطون» منذ سنوات، ولكن صحوة الأجهزة الرقابية حالياً على ذلك الأمر يجب أن تكون مستمرة.
وأكد ضرورة سن تشريعات وقوانين رادعة، نظراً لأن الأغذية ترتبط بصحة الإنسان، ويجب ربط عدد الوفيات مؤخراً بملف الأغذية بشكل عام، مستغرباً من التأخير في إنشاء المختبر المركزي للأغذية الذي لم ينته حتى الآن، رغم أن هناك الكثير من المخازن ملتزمة باللوائح والأنظمة، ولكن هناك قلة لا تهتم بالاشتراطات الصحية.

بقايا متناثرة في الممرات

التزمت بعض المخازن شروط النظافة عبر وضعها مصائد للفئران ووضع المواد الغذائية في بردات تحافظ على المادة الغذائية، في حين البعض الآخر منها لم يلتزم قواعد التخزين والنظافة الخاصة، حيث كانت الارضيات مليئة ببقايا بعض المواد الغذائية المتناثرة في ارجاء الممرات، فضلا عن استغلال ترخيص السوق المركزي في غير الغرض المرخص له عبر استغلال السراديب وجعلها مكانا لتخزين المادة الغذائية.

تطوير أداء المراقب
بسؤال رئيس الفريق زيد العنزي عن مستوى متابعة فرق البلدية للمخازن المخالفة، اجاب «من الصعب ان نقيم انفسنا ولكننا نشاهد انطباع الناس بان هناك نوعا من الرضا عن الاداء الرقابي لموظف البلدية}، مضيفاً ان مدير عام البلدية م. احمد المنفوحي يسعى دائما إلى تطوير اداء المراقب والآن نرى في جميع المحافظات وجود الضبطيات بكثرة ولن نكتفي بذلك بل نطمح إلى المزيد.

العتيبي: أين مخازن الدولة لضمان عدم تسرُّب الأغذية قبل فحصها؟

أكد رئيس لجنة الإصلاح والتطوير في المجلس البلدي أسامة العتيبي ان ملف الاغذية تحكمه عدة قوانين، واعتقد ان هذا الموضوع يكون تحت مظلة الهيئة العامة للغذاء والتغذية، ولا تزال هناك اختصاصات لدى البلدية ووزارة التجارة حول ذلك الشأن، كما ان الادارة العامة للإطفاء لها اشتراطات لمخازن الاغذية.
وقال العتيبي انه خلال الفترة الاخيرة كثرت مخالفات التخزين الجسيمة والخفيفة في مخازن الاغذية عبر تخزين بعض السلع والمواد غير الصالحة للاستهلاك الآدمي، واصفاً ملف الاغذية بأنه خطير ويحتاج الى تركيز عالي المستوى عبر وضعه على طاولة البحث ودراسة كل مكامن الخلل بشكل مباشر وأخذها من جانب علمي وعملي.
وأشار الى ان قضية ضبط مواد تالفة في بعض مخازن الاغذية أصبحت ظاهرة ولابد من البحث عن المشكلة المسببة لها وإن كانت هناك لوائح تستحق التعديل أو الاضافة والتنقيح ويتوجب عرضها على المجلس البلدي للنظر فيها وفق اختصاصه بالتنسيق مع هيئة الغذاء والتغذية ووزارة التجارة والصناعة والبلدية والإدارة العامة للإطفاء ووزارة الداخلية.
وأكد العتيبي «ان لم يكن العمل تحت مظلة واحده لن تكون هناك نتائج مثمرة وفق ما هو مخطط له، حيث ان الاهتمام بملف الاغذية ضروري لانه يمس صحة الانسان ولذلك لا مجاملة فيه».
واشار إلى ان الجهات المسؤولة عن مخازن الاغذية تؤدي عملها في المتابعة، ولكن المطلوب التوسع في نطاق الضبطيات القضائية والدخول في أي وقت دون تحديد وقت معين عبر استخدام عنصر المفاجأة.
وبين العتيبي ان البلدية ومنذ انشائها حتى الان لا تملك مختبرا للأغذية ومن يقوم بذلك الدور هي وزارة الصحة نيابة عنها، داعيا الى وضع مختبرات متنقلة في المنافذ بالتعاون مع الإدارة العامة للجمارك لفحص المواد الغذائية ومع دخولها قبل ظهور النتائج بصلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
وعن الحلول لعدم تسرب المواد الغذائية الفاسدة الى بعض المخازن المخالفة، قال العتيبي انه تم الاجتماع مع مؤسسة الموانئ الكويتية مؤخرا وإقرار وضع مخزن مؤقت للتخزين في ميناء الشويخ يمكن الدولة من الاحتفاظ بالبضائع لحين الانتهاء من فحص البضائع المستوردة قبل دخولها، وجار تخصيص مواقع اخرى لنفس الغرض.
وأكد ان المشكلة الأساسية هي تعهد التجار عند استيراد المواد الغذائية بحفظ البضاعة في مخازنهم الى حين حصولهم على كتاب إفراج من البلدية، ولكن السؤال، على الرغم من وجود بعض المخازن الجيدة، لكن ما هو الضمان لعدم تسرب بعض المواد الغذائية الى السوق من قبل بعض المخازن الأخرى وقبل ظهور نتائجها؟
وطالب العتيبي بأن يكون للدولة مخازنها الخاصة بحيث لا يفرج عن أي بضاعة قبل فحصها، موضحا ان أي تعديل تشريعي ولائحي لن يأتي إلا باجتماع الجهات ذات الصلة، مشيراً الى ان بعض مخازن الأغذية يوجد فيها «مرشات» خاصة بالمطافىء وبعضها يكون فيها تسريب الى المواد الغذائية.. وبالتالي يتسبب في فسادها، لذلك لا بد من إعادة طرح الشركة الكبرى للتخزين، بحيث تكون موجودة في المنطقتين الشمالية والجنوبية.

روائح كريهة وتجمع الحشرات
تبين ان بعض المخازن تقوم بوضع المواد الغذائية التالفة في أماكن لا تتناسب مع شروط النظافة العامة كوضعها تحت السلالم بصورة يصعب تنظيفها مستقبلا، ما يزيد من شدة الروائح الكريهة وتجمع الحشرات حول المواد الغذائية الفاسدة.

مواد كيماوية بجانب الغذائية
لوحظ خلال الجولة وضع بعض المخازن المواد الغذائية بجانب مواد التنظيف التي تحتوي على المواد الكميائية دون مراعاة للاشتراطات الصحية اللازمة وبعض الشاحنات غير مرخصة تقوم بنقل المواد الغذائية بظروف غير ملائمة سواء بتعرضها لأشعة الشمس أو عدم وجود ثلاجات ومبردات داخلها.

اضف رد